“التغلب على الصعوبات” – كيف قاد العمل الدؤوب رابح محمد يونس إلى بطولة “ون”
بذل رابح محمد يونس الكثير من الدماء والعرق والدموع ليحصل على مكانه في أكبر منظمة للفنون القتالية في العالم.
في عرض ONE 169: Malykhin vs. Reug Reug، يعود النجم الجزائري إلى ملعب “لومبيني” في العاصمة التايلاندية بانكوك حيث يخوض نزاله الثالث في بطولة “ون” أمام الأميركي إيدي أباسولو في نزال مواي تاي ضمن فئة وزن الريشة.
لدى رابح فرصة جديدة لإظهار موهبته الكبيرة وأسلوبه القتالي الشرس في العرض الذي يُقام فجر السبت في 9 تشرين الثاني/نوفمبر.
لم تكن رحلة رابح إلى المنظمة العالمية سهلة على الإطلاق. هكذا نجا “النسر” من الظروف الصعبة ليصبح نجماً عالمياً في الرياضات القتالية.
“المال لم يكُن كافياً”
وُلد رابح ونشأ في الجزائر في عائلة مكوّنة من تسعة أولاد، وكانت طفولته مطبوعة بالنضال والفقر.
تحدث الجزائري لموقع onefc.com عن طفولته وكيف اضطر بسبب الظروف المالية الصعبة إلى أن يكبر مبكراً.
“لقد كانت طفولتي صعبة للغاية. كنا نعيش في منزل أجدادي مع العديد من أعمامي وخالاتي. ثم انتقلنا إلى منزل صغير مع ثمانية أشقاء في حي صعب. كان والدي يعمل مدرساً، ويسعى جاهداً لتوفير احتياجات أسرتنا الكبيرة باعتباره المعيل الوحيد.
“المال لم يكُن كافياً، لذلك أُجبرت على العمل في عمر مبكر لدعم نفسي ومساعدة عائلتي”.
العثور على شغفه
لقد شعر رابح أنه مقدر له شيء أعظم من مجرد العمل الشاق الذي يكاد يكفي احتياجاته.
كان موهوباً رياضياً منذ سن مبكرة، حيث مارس كرة القدم في البداية، لكن الرياضة لم تلبي رغبته في نشاط أكثر شراسة.
ثم بدأ رابح تدريباته في الكاراتيه قبل أن يجد شغفه في الكيك بوكسينغ التي استمر في ممارسته منذ ذلك الحين:
“لقد لعبت كرة القدم لفترة من الوقت، ولكنني وجدت نفسي أتوق إلى شيء أكثر شراسة. وفي ذلك الوقت، حاولت ممارسة رياضة الكاراتيه، ولكن الجانب الذي لا يتطلب الاحتكاك المباشر لم يرُق لي تماماً.
“لم أكتشف شغفي الحقيقي بالفنون القتالية إلا عندما تعرفت على رياضة الكيك بوكسينغ في سن الثالثة عشر، من خلال صالة ألعاب رياضية متواضعة في مدينتي.”
وسرعان ما وقع الشاب في حب هذه الرياضة وقضى ساعات يشاهد أساطير رياضة الكيك بوكسينغ مثل الأسطورة المغربي بدر هاري.
وكان رابح عازماً على صنع إسم لنفسه في الفنون القتالية، ولذلك كرّس نفسه لرياضة الكيك بوكسينغ، وكان يتدرب في صالة الألعاب الرياضية المؤقتة في منزله في الأيام التي لم يتمكن فيها من الذهاب إلى الأكاديمية:
“مشاهدة أساطير مثل بدر هاري أشعلت النار بداخلي، وبدأت أتخيل نفسي أتنافس على مستواهم، بدءاً من صالة رياضية صغيرة.
“أدركت سريعاً أنّ الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية ثلاث مرات في الأسبوع لن يكون كافياً. لذا، بدأت أبدع في إيجاد الحلول. قمت بإعداد كيس ملاكمة متهالك في منزلي باستخدام إطارات قديمة وقفازاتي البالية.
“كنت أتدرب هناك كل يوم بمفردي وأدرس حركات المحترفين. أصبحت مهووسًا بمحاولة تحسين أدائي، حتى في ذلك الوقت.”
العمل الجدي لا يتوقف
وسرعان ما بدأت جهود المقاتل الملقب بـ”النسر” تؤتي ثمارها، حيث فاز بالعديد من الألقاب في الجزائر والعالم العربي في رياضة الكيك بوكسينغ والمواي تاي، ليثبت أنه واحداً من أبرز المواهب الواعدة في المنطقة.
لكن نجاحاته داخل الحلبة لم تكن تعني بالضرورة حياة أسهل خارجها.
رابح كان وحيداً ولم يكُن لديه أحد يعوله سوى نفسه، فقبل أي وظيفة تسمح له بمواصلة التدريب:
“في سعيي لتحقيق أحلامي، قمت بالقفز من بلدتي الصغيرة إلى العاصمة الصاخبة الجزائر، بحثاً عن فرص جديدة.
“لقد كانت فترة مليئة بالتحديات. كنت أعمل بمفردي، وأوازن بين التدريب والعمل. في البداية، توليت وظيفة في متجر، وخلال تلك الفترة، وجدت نفسي أقيم في غرفة صديق في حرم جامعة، وأحاول التغلب على الصعوبات”.
في نهاية المطاف، وجد رابح عملاً بدوام كامل كمعالج حركي. وقد خفف ذلك من أعبائه المالية قليلاً، لكنه كان يعلم أنه إذا أراد الوصول إلى أعلى مستويات المواي تاي والكيك بوكسينغ، فعليه أن يغامر بالخروج من الجزائر.
ولأنه كان يحلم في تحقيق ذاته، عمل الجزائري في المزيد من الوظائف كي يتمكّن من دفع تكاليف رحلات التدريب المختلفة.
“لتمويل سفري إلى تايلاند وتعزيز مسيرتي المهنية، دخلت مجال تجارة السيارات وعملت ساعات إضافية كبائع.
“لقد قضيت فترة في دبي حيث وجدت نفسي خلف عجلة القيادة كسائق سيارة أجرة، وكل ذلك أثناء إقامتي وتدريبي في صالة الألعاب الرياضية. لذا نعم، لقد حصلت على نصيبي العادل من الوظائف والمتاعب على طول الطريق لإثبات نفسي كمقاتل رياضي محترف.”
كيف أصبح نجماً
لقد قادت تلك السنوات من الجهد الدؤوب – موازنة التدريب مع العمل الآخر – المقاتل، البالغ من العمر 27 عاماً، إلى بطولة “ون” في كانون الأول/ديسمبر 2023.
في نزاله الأول، أطاح الجزائري بخصمه التايلاندي المخضرم والمنافس السابق على بطولة العالم سايمابيتك فيرتكس في مفاجأة هزّت عالم المواي تاي. ورغم أنه خسر نزال العودة أمام التايلاندي إلا أنّ أسلوب الجزائري القتالي الشجاع والديناميكي لفت انتباه جماهير الفنون القتالية حول العالم.
“النسر”، الذي يتدرّب تحت إشراف مواطنه مهدي الزعتوت، يكاد لا يصدق أنه حقق أحلامه أخيراً:
“من الرائع أن ألاحظ المزيد من الناس يتعرّفون عليّ في شوارع بانكوك. والآن، يوقفني الناس لالتقاط الصور، وهو أمر غريب بعض الشيء ولكنه رائع للغاية. إنّ حب المعجبين يجعلني أستمر، وأنا أقدّر ذلك حقاً”.
